الأربعاء، 4 يوليو 2012

رسالة إلى مواطن رعديد

الرعديد لغة هو الجبان كثير الإرتعاد عند القتال.

هل أنا حقا  رعديد؟؟
سؤال تُهت و أنا أبحث عن إجابته ، فبين صفحات الكتب و المواقع حار دليلي ، كل يوم أنا في حال ، يومٌ راضٍ عن نفسي  ويوم آخر ألومها و أبث شكواي منها إليها فلا هي ارتاحت و لا أنا وجدت مبتغاي . على أنني عندما لا أجد مبتغاي فإني ألجأ لأسلوب الفرضيات و هو أسلوب علمي متبع في العلوم التطبيقية و يعرفه كل العاملون بها.
بلادي و ما أدراك ما بلادي ، حالها يُغني عن السؤال ، و لكن حال شعبها يُثير ألف سؤال و سؤال !
أخبرونا في المدارس عن أبطال عِظام و عن ثورات غيرت مجرى التاريخ ، كبرنا و عقولنا مليئة بهراء عن المهدية و بطولاتها و كيف أنها دحرت قوات المملكة التي لا تغرب عنها الشمس في معارك كتبت بدماء الأشاوس إلخ إلخ إلخ إلخ 
ثم تكبر قليلا لتأتيك بعض المعلومات التي تناقض كل ما تربيت عليه ، قائد أعظم ثورة في إفريقيا كان مدعي نبوة !؟!؟ يا إلهي ..!! ثم تتجرأ لتبحث بنفسك لتتفاجأ بالحقيقة المُرة ، أنها كانت ثورة جياع لا أكثر و لا أقل و أن فتح الخرطوم الذي حدثونا عنه لم يكن سوى مجموعة من الأهالي التي هاجمت رجلا أعزل لتقطع رأسه و تفرح به ، ثم تعدم كميات مهولة من المصريين و تسبي نساءهم و تسجن البقية  بدعوى أنهم كفار لأنهم لا يؤمنوا بالدعوة المهدية. و تبدأ حقبة الدعوة كما أسموها لنشر النور في العالم كله.
و يموت محمد أحمد (المهدي) ليرث الدولة رجل أقل ما يقال عنه بأنه جاهل ليذيق الشعب الأمرين على يديه ، لتتدهور حالة البلاد و تصل مرحلة يقف أهاليها فرحا بغازي لا هو منهم و لا حتى يدين بديانتهم هربا من البطش الذي عانوه على يد الخليفة و جنده. 
نعم لم يثوروا ضد كل الظلم و لم يقفوا ليقولوا لا ... بل ألفوا الأشعار طمعا في نجدة من ثاروا عليهم و دونك قصيدة الحردلو الذي قال فيها :  

أولاد ناس عزاز متل الكلاب سوونا 

يا يابا النقس يالانجليز الفونا  

فما أشبه اليوم بالأمس ..
خرج علينا من تلبسوا بعباءة الدين ووالله لولا الزمان غير الزمان لادعوا النبوة فينا ، بيد أن موضوعي اليوم ليس هو العصبة أولي البأس فهم قد شبعنا فيهم تقتيلا و تمحيصا. بل اني وددت لو طرقت موضوع خنوعنا و ذُلنا و قبولنا لكل أشكال المهانة التي لم يوجد شعب في التاريخ تقبلها غير بني إسرائيل مع فرعون ولا أجِدنا ببعيدين عن حالهم فالعصبة أولي البأس ذبحت أولادنا مرة بإسم الحروب الجهادية و مرات أخر بإسم التمرد و استحيت نساءنا في جبال النوبة و كردفان و ما فتئنا نهلل لهم كلما رموا لنا عظمة فأي الشعوب نحن ؟؟
أعلم تماما أي منقلب سيعود به كتابي هذا إلي و لكني وددت لو فتحت نافذة عسى أن يدخل منها الضوء لنقف مع أنفسنا مرة و نراجع الحال الذي وصلنا إليه أو لعلها جينات أجدادنا الذين استجابوا لدعوة من قال أنه المهدي.
تدعو للتغيير فيقف أقرب الناس منك موقف سخرية في أحيان كثيرة ، فمنهم من يدعوني مناضل الكيبورد و آخرين يطلبون مني الصمت بما أني لا أعاني شظف العيش معهم و لا يدرون أني أعاني ما هو أمرَّ من الجوع ، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
 لا يدرون كيف هو الإحساس و أنت في بلاد الغربة تستمع إلى عقد الجلاد في رائعتهم " إيدينا للبلد" : كان أخويا البرة جانا والله يصلح الحال معانا . فتفر منك دميعات و أنت تخاطب نفسك مقهورا : (لكن انا  أخوهم البرة ..!!) .. لا يدرون مرارة الحزن و الدموع و خالك يفارق الدنيا ثم عمك ثم ابن اخيك و لا تراهم و لا تقبلهم و لا تقل لهم وداعا .. لا يدرون كيف هي الليالي وانت تعلم أن خالة لك مريضة و انت الطبيب المداوي و أن ابنة عمة لك تزوجت و لم تكن هناك لتفرح بها و معها ... يا الله .. رحماك.
فبيننا نحن معشر المغتربين الذين تركنا البلدة الظالم أهلها و بين أهلنا الذين ضٌربت عليهم الذلة و المسكنة وقفت العصبة.
فمن هو عدونا الحقيقي ؟؟
 هم أم نحن أكبر أعداء أنفسنا ؟؟
هل عندما أنعت نفسي و قومي بالجبن أكون قد أتيت أمرا نٌكرا أم أننا فعلا شذاذ آفاق و مدعي بطولات و لا يناسبنا سوى العصبة ليحكمنا ؟؟
هل عندما نخرج للشارع لنثور في وجه الطغاة نكون ثرنا لكرامتنا و لحقنا في الحياة بشرف و إنسانية أم أنها ثورة جياع ستأتي لنا بالخليفة المهدي مرة أخرى الذي لا شك أنه مشغول في تطريز جلباب الرئاسة أو الملكية ، فلا نعدو نحن أن نكون إحدى ضيعاته أو كما ينظر هو إلينا ... فتأمل !!
عزيزي المواطن : أي الأقسام أنت ؟ هل أنت من المغتربين أم من الذين ضربت عليهم الذلة و المسكنة أم أنك من العصبة أولي البأس ؟ أيهم كنت سيان ، فكلنا نستحق ما يحدث لنا.
هل تؤمن بجدوى التغيير ؟؟
 متى ؟؟
الآن أم تعتقد أن البلد في منعطف خطير كالعادة ؟؟
هل أنت متأكد أنك قادر على إسقاط النظام عندما تقرر الخروج للشارع أيضا كالعادة ؟؟ 
أم أنك مشغول بعمل مهم كالعادة أيضا ؟؟
والله أنا أعجب لأم و أب ينام إبنهم في المعتقل ولا يفعلون شيئا سوى الإنتظار ..  

تهاتف أهلك و معارفك و أصدقاءك في السودان لتسألهم عن حالهم فيكون جوابهم: حالة زي الزفت والله !!
 و إذا سألت عن أخبار المظاهرات تأتيك ردود من شاكلة : والله ديل ناس ما عندهم موضوع !! أو : ياخي مافي أي مظاهرات دة كلام ناس انترنت ساي !!
 أما عندما تسألهم عن ماهي الحلول عندهم فيجيبوك بكل بساطة : والله انا خلاص طالع من البلد دي. و لا تدري هل تفرح لقربهم منك أم تبكي البلد ...
 وفوق كل هذا و ذاك إياك ثم إياك أن تحاول أن تشارك أو تعلق على حال البلد ، فيأتيك الرد سريعا : إصمت فأنت لا تعاني ..
تحاول أن تناقش قريبك العاطل عن العمل و يقضي جل وقته على الفيسبوك لتسأله كيف هو حال البلد ؟؟ ليجيبك : خلاص داير تقلبها لينا سياسة ؟؟
 فسبحان الله !!
بالله عليك إذا قرأت هذه المدونة و لم تكن من أحد هذه الفئات فتواصل معي و أخبرني .. فأنا بحاجة للأمل حتى لا أفقد الثقة في نفسي قبل شعبي ... وددت لو أعلم أن لبلادي جند .. إن دعا داعي الفداء لم يخونوا ، يتحدوا الموت عند المحن ..
و آخر كلامي ، لو أزعجك حديثي و لم تتفق معي فلا تتضايق .. ففي النهاية أنا مجرد شخص شاذ الأفق ..


هناك 7 تعليقات:

  1. المستقبل لا تصنعه هواجس وأشباح الماضى ولكن تصنعه أستحقاقاته كمستقبل وهذا النص لا يحمل رؤية بقدر ما يحمل مخاوف تاريخية تتلبسها رعدة ولكنها بداية جيدة ..فلا يستطيع شعب أن يدعى ثورة إذا كانت ثورة فلا راد لها ونخشى أن الشعب السودانى لديه غصه من الثورات تاريخيا فهو أكثر شعوب المنطقه ثورات وأنتفاضات موؤودة ، ولكن هذه المره كثيرا من النظم التى كانت تساهم فى أهدار أنتفاضاته وأحتواء ثوراته مشغوله بنفسها وفى ثورة شعبيه لاخوف من تغول طائفه أو فصيل ولا داعى للتحسب من ذلك ولا جدوى سياسيه أو نضاليه أيضامن خلق تناقض تطوعا بين الأعزل والأعزل ضد تنظيم مسلح ومحتنك للجيش وقد أعلن على الملأ تمكينه منذ شهور

    ردحذف
  2. انا مواطنة سودانية اعيش في السودان و ميسورة الحال مهندسة و لكن عاطلة عن العمل ,, الاهم اني اؤمن بالتغيير من اجل العيش يكرامة من اجل مستقبل افضل ليس من اجل ارتفاع الاسعار و الغلاء و البطالة لاني اعلم يقينا ان الحياة بكرامة و حرية هي اسمى الغايات و منها تتحقق المتطلبات المادية الاخرى ,, المشكلة انه مافي ناس من العايشين حولي يؤمن باهمية و ضرورة التغيير ,, انا مؤمنة بالتغيير من قبل ان يبدا الربيع العربي وتألمت جدا اننا تاخرنا عن اللحاق بالركب بالرغم اننا في اشد الحاجة للتغيير ,, اعجبني كلامك الصريح جدا الذي نخاف ترديده حتى بين انفسنا ,, نحن شعب جعجاااااع و بتاع كلام و لكنه ليس جبان ,, لكن بعد الثورات المحيطة بنا امنت تماما انها لم تحكمها قوانين او تكهنات ,, هي تحدث فجأة و يقول لها الله كوني فتكون ,, لم و لن افقد الامل ابدا و طالما انا و انت و غيرنا كتييير يؤمن بالتغيير سيحدث و لو بعد حين

    ردحذف
  3. الشعب السوداني مسلوب الارادة

    ردحذف
  4. سأكون اليوم في الشارع مطالبا بحقوقي و ثائرا ضد الطواغي لصوص الدين
    و اهدي اليك هذا النص للشاعر محمد عبدالخالق:



    فوضنا أمرنا للشارع الممدود صوب القصر
    أقسمنا انا لن نتراجع حتى النصر
    والرصاص ... الرصاص ... والموت المؤكد بين كل ثانية وأخرى
    وحملنا حبنا الحاقد حزمة من هتاف وأغان
    وتمترسنا بالحزن الجماعي
    بان في احداقنا طفل يغني يا وطن
    يا وطن
    إفتح ذراعيك وطوقنا
    اليوم تخرج زاهيا مزدانا
    بالدم المتدفق في النواصي
    يا وطن
    يا وطن

    ردحذف
  5. مقال جميل.."انا لست من الفئات التي ذكرتها"..

    ردحذف
  6. و الله يا اخوي انا اشعر بنفس شعورك و مرات احس اني ما مفروض اتدخل و لا اشجع الناس علي المظاهرات و الاحتجاجات عشان انا قاعد بره السودان و (مرطب)كما يعتقدون لكن انا موجوع ياخي موجوووووع اكتر من الناس الفي السودان زاتو لاني كمغترب عانيت ما عانيت من وحده و سهاد و عذاب و سهر و بعاد من الاهل و الاحباب و الاصدقاء و و الله ده اصعب من الجوع و العطش و الكهرباء القاطعه في السودان. و السبب اني قاعد بره السودان هو نفس السبب الطلع الناس الشارع في السودان(حريه سلام و عداله). يا خي انا مشيت الاحد الفات ده لمظاهره في البلد الانا قاعد فيها دي ضد الانقاذ بس عشان اريح ضميري و اشعر اني عملت حاجه ادعم بيها الشباب الفي السودان المرقوا ديل و اني ما بس مناضل كيبوردي و الغريبه اني برضوا ما حاسي اني رضيان. ياخي انحنا المغتربين ديل نعمل شنو اكتر من كده للسودان ده؟؟؟؟؟؟

    ردحذف
  7. الشكر الجزيل لكل المعلقين ، أسعدني تواصلكم و أدعوكم لقراءة التدوينات الحديثة و تفاعلكم معنا مرحب به دائما ...

    ردحذف