الاثنين، 23 يوليو 2012

الحافة 3: رمضان أحلى في السودان

كان في قديم الزمان بلد إسمه السودان ,,, بلد يقال أنها عاشت دائما على هامش الأحداث ، بلد وسعت كل من قدم إليها مهاجرا من قديم الزمان ، من مصريين و مماليك و رومان و إثيوبيين و عرب مسلمين و أتراك و إنجليز و و و و و ... لم تطرد أحد منهم يوما ما و لم تضق على من هم فيها ... والحياة على هامش الأحداث لو تعلمون تعني أن آهلي تلك البلاد مسالمون و ليسوا بأهل قتال أو دسائس أو حروب ..
كانت بلاد السودان شاسعة و سعتها في أصغر حالاتها كانت مليون ميل مربع ، أي نعم ... مليون كاااااااامل ، مليون ميل مربع ... و فيها خيرات كثيرة ... أنهار و جبال و وديان و غابات و صحاري و فيها أكبر ثروة حيوانية في المنطقة ، و فيها أكبر مزرعة مروية في افريقيا و الشرق الأوسط و فيها سكة حديد و فيها غذاء قيل أنه يكفي العالم.
حال هذه البلاد اليوم أشبه بقصة حزينة ترويها لنا الحبوبة و نحن صغار نتحلق حولها ننتظر منها النهاية السعيدة فكل حكايات الحبوبات لابد و أن تنتهي نهاية سعيدة ، ولا زلنا ننتظر النهاية السعيدة.
حال بلادي اليوم ، بلاد السودان ، هو الفقر و الجهل و الجوع و المرض و التضخم إن كنت تعرفون ماهو التضخم ، فلا نكاد نفيق من صفعة حتى يتبعها العصبة أولي البأس بصفعة أخرى حتى أننا ما عادت تؤلمنا الصفعات بل أمسينا نتراهن على قوة الصفعة القادمة و حدتها ، فنتساءل أي الأوتار سيضربون ، فأبناؤنا ما زالوا في المعتقلات و نحن نستقبل شهر رمضان المعظم و نساءنا ، جُلدنَ و أُغتصبنَ و كُسرت أيديهن و لم نحرك نحن أشباه الرجال ساكنا ، فرجالنا كما نقول ماتوا في كرري ، على أنني أشك أنه كان لدينا رجال في كرري ، فحسب علمي من ماتوا في كرري كانوا حفنة من المُغرر بهم ، ماتوا وهم يدافعون عن الخليفة و دعوة نبوة كاذبة ، مدعيها يكرّم حتى اليوم و ينعت بالبطل. حال البلاد اليوم هو صدارة الأحداث العالمية في أخبار الإرهاب و المقاطعات الإقتصادية و الكوارث الإنسانية ، صارت بلادي عنوانا للفشل و تصنف من أكثر الدول فسادا و نحن نتفرج عليها كما تفرج نيرون على روما وهي تحترق.
في توثيقنا لأحداث البلاد ننقل لكم اليوم أخبار الشتات و كيف أن عدونا ليس كما نحسبه ، فهو نمر من ورق يسترجل على النساء ، و قلوبهم شتى و نحن نحسبهم على قلب رجل واحد . و هنا أنا آتيكم بمثال واحد على شتاتهم و كيف انهم لا يدرون ما يقولون و يقولون مالا يفعلون .
كلكم الآن يعلم بالزيادات التي طرأت على أسعار الكهرباء التي تمت بليل كما هي عادتهم دائما ، يفعلون كل شيء تحت ستار الليل فهو درعهم الوحيد، إغتصبوا السلطة بليل ، يهجمون على داخليات البنات بالليل و حتى خصامهم فيما بينهم (مفاصلة رمضان الشهيرة) كان بليل . الزيادة تمت من غير أي إعلان مسبق ، لم يتم التنويه لها و لم يأتي أحد على ذكرها و حتى هذه اللحظات لم تتكرم علينا الحكومة الموقرة ( عفوا المستعبطة) بتفسير أو تبرير لهذه الزيادات. و كنت قد قرأت عن التسريبات بزيادة الأسعار على موقع الراكوبة الشهير لهم الشكر و هم منبر للصحافة الحرة رغم إختلافنا معهم في كثير مما ينشروا إلا أنهم و الحق يقال منبر لحرية الرأي في أسافير بلادي ، فبعد أن قرأت خبر التفسير تساءلت على صفحتي في الفيسبوك عن صحة الخبر و لم إجد إجابة شافية بالأمس ، على أنني صحوت اليوم لأجد شقيقي ينشر صورة لفاتورة كهرباء قد اشتراها بنفسه لمنزله و عليها تبيان للأسعار و ذكر كيف أنه بنفس المبلغ (300 ألف) كان في السابق يشتري 1200 كيلو وات و الآن بالكاد تحصل على 842 كيلو وات و أنه سيحتاج لمبلغ 700 ألف ليشتري نفس الكمية السابقة . و منزل أخي هذا يعيش فيه هو و زوجته فقط . فبالله عليك تخيل معي يا رعاك الله كيف سيعيش من لديه أسرة من ستة أفراد !!؟؟


الصورة اعلاه توضح لك يا هداك الله الفاتورة مكان النقاش ، إلا و أنني لم يكن هذا ما أدهشني بقدر ما سأرويه لك في الأسطر القادمة فاعرني اهتمامك لترى كيف تدار بلادك و كيف يتم الضحك عليك ..

حسنا من منكم لم يسمع بالجيش الإلكتروني للدفاع عن السودان ؟؟ طبعا أكيد جميعكم تعرفونه .. فأنا صراحة من كبار المعجبين بهذا الجيش و لا يكاد يمر يوم لا تجدني أزور صفحتهم حتى أضحك قليلا و اتندر و كنت على جهل مني أحسب أنهم لهم قيادة و يتبعون لجهاز الأمن أو جهة ما متغلغلة في أوساط العصابة الحاكمة و تمدهم بالمعلومات الدقيقة جدا حتى يتمكنوا من الدفاع عن البلاد ضد من يقولون عنهم خونة وعملاء ، كما انني على نفس جهلي كنت أحسب أن حدثا مثل زيادة أسعار الكهرباء لا بد و أن يتجهز له جيشنا الإلكتروني الهمام بالعدة و العتاد لرد جحافل المخربين الإلكترونيين الذين لا بد و أن يستغلوا مثل هذا الحدث لاستثارة المواطن الذي مات قلبه و ما عاد يحرك فيه محرك. 
بيد أني بلغت مني الدهشة مبلغها و انا الذي حسبت أنني فارقتها في عهد العصبة أولي البأس ، فقد وجدت نفس الصورة التي نشرها أخي على صفحة الجيش الإلكتروني و معنونة بـ "عااااااااااااااااااااااااااجل" و اتبعوا عاجل بكثير من الخطرفات كما هي عادتهم دوما ، توقفت قليلا لأتفهم ما وراء هذه الصورة !!!! يا الله ! إن جنود جيشهم نفسهم لا يعلمون شيئا عن الزيادات و يبدو أنهم على جهلهم و عبطهم فعلا كالنعاج يقادون !! حسنا أترك لكم الصورة لتتحدث يا أعزائي ...

ما وراء هذه الصورة الكثير الكثير ، فقط لو نعقل و نقف قليلا لنقرأ و نستنتج : إنهم لا يعلمون ما يفعلون ... قلوبهم شتى و بلغ منهم الجهد مبلغه ... قليل من الطرق و سنسترد بلاد السودان ...
على صعيد آخر كانت هناك وقفة اليوم أمام مجمع محاكم الحاج يوسف لدعم المعتقلين ، قام الرباطة بعدها بالهجوم على الحضور و اعتقلوا عدد منهم " خالد عمر ، صلاح نادر و عمر عشاري" ...



كما قاموا بالإعتداء على الدكتورة سارة حسبو التي ما فعلت شيئا سوى أنها مدت يدها لتحية المفرج عنهم فقاموا بكسر يدها ...



بالله عليكم رجل يضرب إمرأة لا تحمل شيئا و يكسر يدها .. ماهو حكمكم ؟؟

أخيرا و ليس آخرا أترككم مع الحديث الشريف : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر" حديث صحيح ...


الأربعاء، 11 يوليو 2012

الحافة : الجامعة جامعة حرة و العسكري يطلع برة




ألتقيكم اليوم أحبتي في توثيقي للأحداث التي تمر بها بلادنا عبر سلسلة الحافة ، و اليوم نستعرض أهم الأحداث في خلال اليومين الماضيين.
عنوان تدوينتنا اليوم "الجامعة جامعة حرة و العسكر يطلع برة" و هي مقولة لا بد وأن يكون قد هتف بها أي طالب درس في جامعة الخرطوم و يعرف أثرها على القلب و الجسم فهي ترفع الأدرينالين في أجسام قائليها و تحمسهم للوقوف ضد العسكر عند هجومهم على الجامعة لإعتراض المتظاهرين لأي سبب كان و قد هتفت بها إبان دراستي في الجامعة في عام 2002 في التظاهرات الشهيرة المطالبة بعودة إتحاد جامعة الخرطوم و تسببت في إغلاق الجامعة لفترة فاقت السبعة أشهر.
أما اليوم هتف بها طلاب الجامعة وهم يطالبون بإسقاط النظام و ردا لربيع عبدالعاطي الذي استفزهم في برناكج الإتجاه المعاكس وهو ينفي وقوع أي مظاهرات في الخرطوم بل وزاد أن المواطنين ينعمون برغد العيش و ذكر أن معدل دخل الفرد في السودان في حدود 1800 دولار ، و أنا شخصيا لا أدري ماذا يقصد من ذلك ؟ فإن كان يقصد بها معدل الدخل السنوي فقد صدق فالسودان يقبع في ذيل قائمة معدل الدخل السنوي للأفراد في العالم و لا يبزه إلا دولة الصومال بمعدل دخل يبلغ 1300 دولار في العام ، أما إن كان يقصد متوسط الرواتب الشهرية فذلك هراء لا يستحق حتى عناء الرد عليه.

خرج طلاب الجامعة في أبلغ رد على المدعي ربيع عبدالعاطي و هم يقولون له ها نحن ذا الذين نعد على أصابع اليدين نستطيع إيقاف الحركة المرورية في أحد أكبر و أهم شوارع وسط الخرطوم شارع الجامعة كما أنهم أكدوا على استمرارية التظاهرات و حتى تحقيق كل مطالبهم و أولها رحيل النظام.




هناك أخبار عن إطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع و القنابل الصوتية كما ورد على صفحة الفيسبوك للدكتور عصمت محمود أحمد ، نائب عميد كلية الآداب في الجامعة و التي تم إعتقاله على إثرها بعد ذلك بسويعات قليلة من شارع الجامعة بحسب شهود العيان. كما أن هناك أخبار أيضا عن إطلاق رصاص حي في محيط الجامعة و إعتقال كميات كبيرة من الطلاب بعد محاصرتهم داخل الحرم الجامعي لساعات و إمطارهم بالغاز المسيل للدموع.

أنباء بعد ذلك عن تمشيط الجامعة بواسطة الرباطة و المليشيات الأمنية المختلفة و إخلاء الحرم الجامعي من كل الطلاب بداخله و إعتقال الطلاب بصورة غير مسبوقة و اقتيادهم إلى اقسام الشرطة المختلفة و مراكز الأمن للتحقيق معهم.






كما أن هناك شائعات في تويتر الآن عن طلب وزير الدفاع و الأجهزة الأمنية من مدير الجامعة بإغلاق الجامعة اليوم و إلى أجل غبر مسمى بالإضافة إلى إخلاء كل الداخليات قبل صباح يوم غد حتى يسهل للأجهزة الأمنية السيطرة على التظاهرات.




ختاما : أقول مع طلاب الجامعة ، الجامعة جامعة حرة و العسكر يطلع برة ....

الاثنين، 9 يوليو 2012

الحافة : قصة بلاد النيلين في 2012.







اليوم و كل الأيام القادمة ، تلتقون معي أحبتي في سلسلتي الجديدة لمتابعة الأحداث الحالية في ربوع بلاد النيلين ، وهي محاولة مني للتوثيق اليومي لما يحدث في البلاد آملا نشرها كاملةً في يوم تنعم فيه بلادنا بالحرية حتى تعلم الأجيال كيف هو تاريخ البلاد بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة و الرؤية الموجهة ، فكلي عِلمٌ أنه في حالة نجاح هذه الثورة ستسعى كل الأحزاب السياسية السودانية بكل ما أؤتيت من قوة إعلامية إلى تجيير الثورة لصالحها و أنها ما كانت لتقوم لولا وجودهم في الساحة السياسية السودانية.

أما الإسم فقد إخترته لأنه برأيي يعبر عن الحالة التي تعيشها بلادنا اليوم ، فهي حرفيا على الحافة ، فإما هوينا و إما اجتذبناها نحو بر الأمان بتعاوننا مع بعضنا البعض .
 سأقوم بصورة دورية شبه يومية محاولة تدوين وجهة نظري و هي ليست بشيء صواب أو خطأ بقدر ما هي وجهة نظر لمواطن سوداني مهموم بشأن بلاده.

و تدوينة اليوم هي مقدمة وشرح لما يتبع من تدوينات ستقوم بجرد الأحداث على أهميتها و إنعكاساتها على مستقبلنا و مستقبل بلادنا. وقد فكرت أولا في إنشاء مدونة منفصلة بعنوان الحافة ، إلا و انني منعا للتشتيت و لعلمي مسبقا بأن معظم إن لم يكن كل تدويناتي في مقبل الأيام ستدور حول أوضاع البلاد فقد قررت كتابة سلسلة الحافة ضمن مدونتي الشخصية و كما قلت أملا في نشرها يوما ما في كتاب يجمعها كلها إذا ما قدر الله لنا الحياة في وطن ديمقراطي.

سأبدأ أولا بالتعليق على مكالمتين هاتفيتين كنت قد أجريتهما ليل أمس مع أخي و أحد أقرب أصدقائي و بالطبع تناولنا فيها شأن البلاد بالتعليق و محاولة التنبأ بما قد يحدث و قد سمعت منهما لا أدري إذا ماكان قد أثلج صدري أو أدمع مقلتي فهلموا لنرى ماذا قالوا:
فقد أجمع الإثنين على أن الوضع في البلاد على شفا جرف هاو ، وكيف أن السلطة لا تدري كيف توفق أوضاعها مع شعبها ، حدثوني عن توقف جميع حملات المرور المسعورة التي كانت من ثوابت شوارع العاصمة القومية كما يحلو لنا أن نطلق عليها في محاولة من العصبة لتجنب استثارة المواطنين ، كما حدثوني أن العصبة أولي البأس قد رفعوا الحظر عن جميع المواقع الإباحية في محاولة رخيصة منهم لتشتييت الشباب و شغلهم ، على انني ارثى لحال حكومتي إذا كانت تظن أن جل ما يشغل عقل شبابها هو الإباحية ، فبالله عليكم خبروني كيف بمن هو جائع أن يشبع شهوة !؟
و اما الحدث الآخر الذي حدثني عنه صديقي فكان يتعلق عن أزمة قد تشهدها البلاد قريبا تتعلق برغيف الخبز و كيف أن الحكومة قد قررت تخفيض الكوتة المقررة لكل المخابز و هذا محصلة شح المخزون الإستراتيجي من العملة الصعبة . أخبرني محدثي أيضا عن شائعات في العاصمة لإجتماع بين حاتم مالك (من أسرة إبراهيم مالك ، المالكة لمجموعة ويتا للغلال) و بين شعبة الأمن الإقتصادي ، و كيف أن حاتم مالك ذرف الدموع (حرفيا) حزنا على ما آل إليه حال البلاد و عن استحالة عملهم في ظل الظروف الحالية بما أن بنك السودان المركزي قد أخل بالإتفاق بينهم على تزويدهم بالعملة الصعبة لشراء إحتياجات البلاد من القمح من السوق العالمي ، كما أن الشائعات تتحدث أيضا عن سفر حاتم مالك إلى الولايات المتحدة الأمريكية و إغلاقه لجميع هواتفه النقالة لعلمه بما سيؤول إليه الوضع في مقبل الأيام. و تتحدث الشائعات أيضا عن إغلاق مصانع و مطاحن ويتا للغلال لأبوابها في مطلع الأسبوع القادم أو بعده.

الحدث الثاني الذي يستحق التعليق عليه اليوم هو الإجتماع التاريخي لأطباء السودان في مستشفى الخرطوم و إعلانهم عن تكوين نقابة الأطباء في تحدي واضح و معلن للعصبة أولي البأس ، و بالرغم من التساؤلات التي تدور في خلدي بكيفية سماح العصبة بتكوين جسم نقابي في ظل الظرف الحالي للبلاد و سماحهم بقيام الإجتماع من أصله إلا أنني لا يحق لي أن أحكم بما لا أعلمه  و بحكم انني من هذه الفئة المظلومة  ( فئة الأطباء) فإنني أولا أهنئ نفسي و كل زملائي بنقابتنا و عسى الله أن يحق بها الحق لتكون السيف الذي نقاتل به العصبة ، و ننتظر منهم أفعالا لا أقوالا حتى يزول الريب الذي حاك في قلوبنا تجاه سهولة تكوينها و وقوف العصبة موقف المتفرج منها. ننتظر منهم إنتزاع حقوق المرضى قبل الأطباء و إعادة الحياة لمؤسسات البلاد الصحية التي شاخت و أصبحت في حد ذاتها سببا لقتل مواطني بلادي بنقص المعدات و قلة الكوادر العاملة و ضعف تدريبها.

الحدث الثالث وهو خروج مظاهرات متفرقة في مجمع شمبات جامعة الخرطوم ثم تبعهم اخوتهم في مجمع شمبات جامعة السودان و هي أحداث أصبحت شبه عادية لتكرارها في الأيام السابقة.
سأختم اليوم بخبر يمر في الشريط الإخباري المتحرك في قناة النيل الأزرق عن نقلهم للقاء مزمع موجه من علي عثمان محمد طه لعموم الشعب السوداني يناقش فيه الأحداث الحالية و الأوضاع في البلاد ، فيا ترى ماذا سيدعونا في هذه المرة بعد أن وصفنا بالكسل في المرة السابقة !! ماذا سيرينا هذه المرة بعد أن أطلعنا على تفاصيل راتبه (القليل جدا) في المرة الماضية ؟؟ هل سيطلعنا على فيلته و مزرعته كما فعل السيد الرئيس في لقاءه مع النيل الأزرق؟        حسنا ، دعونا لا نسبق الأحداث ، فقط نصيحتي لمرضى السكري و الضغط بأن يتأكدوا بأنهم قد تناولوا أدويتهم قبل بداية الحلقة ، كما انني أنصح مرضى القلب بعدم مشاهدة اللقاء حرصا مني على صحتهم و إلا ... لا يلومون إلا أنفسهم .....

الجمعة، 6 يوليو 2012

جمعة الخذلان

 أولا التحية لكل الشباب الذين اعتصموا اليوم في مسجد الإمام عبد الرحمن في ودنوباوي ، التحية لأفراد قالوا كلمة الحق في وجه سلطان جائر فلم ترهبهم التعزيزات و التهديدات و الرباطة ، التحية أيضا لجنود مجهولين أنا أعلم بأنهم خرجوا اليوم من بيوتهم بحثا عن مظاهرات حتى يشاركوا فيها فلج يجدوا ما يرضيهم و عادوا إلى بيوتهم و الإحباط يملأهم.
ثم أما بعد ، وددت لو كنت أملك من الشجاعة ما يمكنني من القول بالفم المليان أنها كانت جمعة فاشلة بكل ما تحمل كلمة الثورة من معاني ، فوالله احتجاجات طلاب جامعة الخرطوم للمطالبة بعودة إتحادهم في عام 2002 كانت أكثر عنفا منها ، فقد شهدنا فيها العسكر وهم يدخلون المسجد بأحذيتهم و يجرون الطالبات جرا خارجه و يمطرونهم بالسياط كما شاهدناهم و هم يعتدون على نائب عميد كلية الطب في ذلك الوقت  الدكتور صلاح و الدكتور عمار الطاهر العميد الحالي لكلية الطب بالضرب و الركل و مع ذلك لم يخرج أحد ليقول إنها الثورة ....!! فمالذي يحدث ؟؟

كما اود أيضا ان اعتذر مقدما إذا أصاب رشاش من قلمي بعض قرائي، لكن الموضوع بعيد عن الشخصنة . الموضوع ببساطة شديدة .يختص بشعب و حالته ، كل شخص فينا له  رؤيته و فكرته و حلوله التي يقتنع بأنها صحيحة و دعونا نتفق على أن نختلف.
شاهدنا في ثورة اليوم كما نحب أن نطلق عليها 150 معتصمين في مسجد الإمام عبدالرحمن في ودنوباوي يتعرضون لحصار خانق من الرباطة و شرطة النظام ، شاهدنا قذف البمبان داخل المسجد ثم إصطياد من يخرج من النشطاء للخارج ، ثم شاهدنا دعوات و استنجاد بالأحياء المجاورة لنجدة المواطنين و المواطنات داخل المسجد ، كما سبحان الله شاهدنا أيضا فتية يلعبون كرة القدم أما نفس المسجد المحاصر و كأنهم ليسوا من هذا الشعب.
أنا رأيت أن كل الشعب هو من لعب كرة القدم اليوم و أن قلة قليلة هي التي كانت الإستثناء، لماذا ؟؟

 أقول  ببساطة لأن 150 المعتصمين هم الوحيدين الذين خرجوا الليلة في حين التزم بقية الشعب منازلهم بالكامل في موقف أقل ما يمكنني أن أقول عليه الجبن أما لاعبي كرة القدم فهم قمة الإحباط عندما تلعب كرة قدم أمام إخوتك و هم يدافعون عن حقك في لقمة العيش الكريمة. 150 في كل العاصمة القومية هم فقط من خرجوا و التزموا و الباقيين متفرجين ، فتأمل. 
أما فيما يختص بذهاب النظام فأنا متأكد بأنني مازلت على  قناعةً تامة بذهابه و معظمكم يشهد لي بذلك فما فتئت أٌبشر بذهابهم منذ عامين و نيف ولو راجعتم التايم لاين لأدركتكم كذلك ، بل أن مجموعة من المتحدثين هنا طالما وقفت لي بالمرصاد لتقول أن الأمور على ما يرام و أن النظام باق لأنه الحل الوحيد للسودان و السودانيين ، على الأقل في الوقت الحالي أو كما يقولون. 
أما الآن فازدادت قناعتي بذهاب النظام إلا أنني ما عدت اثق في أننا لنا القدرة على إقتلاعه في هبة شعبية كما كنا نأمل . سيذهبون لعدة أسباب أولها تنازعهم هم أنفسهم فيما .بينهم و آخرها الذي تختلفون فيه معي هو لجبننا.
قبل ساعة أو أقل كنت أتكلم مع أحد أقربائي في الحكومة وهو دستوري ، وبرغم إختلاف وجهات نظرنا السياسية إلا أن أواصر القربى و المودة بقيت بيننا قوية جدا فلا زلنا نتواصل مع بعضنا بصورة شبه ثابتة. مازحته قائلا : شايف الجماعة عاصرنكم !! فرد علي بحنق و غضب والله العظيم أول مرة أسمعه منه : ديل ناس ما جادين ياخ !! ثم أردف: والله كلنا مؤمنيين بالتغيير و بالوضع الصعب لكن ياخ خليهم يعملوا ليهم مظاهرة جادة شوية عشان نحن زاتنا نعرف نساعدهم !!! ثم تفرع الحديث و تشعب إلى تفاصيل ليس هذا المكان المناسب لذكرها.

ما أود قوله هو : أكرر بأن الموضوع ليس عني أنا أو عنك أنت قارئي العزيز ... الموضوع عن حالة عامة تسودنا. و كلنا متفقين على أن عدونا واحد و على حتمية التغيير . إلا أن إختلافي معكم هو في جدواه إذا استمر بالطريقة الحالية ، و هي نظرية معروفة في العسكرية إسمها : الحماس بيغطي على الغلط. و التي في النهاية غالبا ما تنتج عملا مشوها مليء بالأخطاء و التناقضات. 

فمن الواضح تماما بأن هذا الشعب لا يزال في غيبوبة تامة عن واقعه بسبب اللبانة التي يلوكها و هي الثورات السابقة . وأقول لهم هذا عهد جديد و حياة جديدة و نظام جديد ، من المحال ان نصل إلى نفس النتائج إذا استمر العمل بهذه الطريقة. دعوني أقول ليكم شيئا واحدا أنا متأكد منه و الله أعلم منا جميعا وهو أن الجمعة القادمة لن يخرج أحد . هذا ليس رجما بالغيب بل هو قراءة بسيطة لما تسير عليه الأمور.
يجب علينا أن لا ندفن رؤوسنا في الرمال و نتجاهل أخطاءنا ومشاكلنا لنطمئن انفسنا بالنجاح ... يجب علينا أن نعرف نقاط ضعفنا و نقاط قوتنا حتى إذا ما تملكناها عرفنا كيف هو الطريق الأمثل لاستغلالها.
لو كنا نخاف من المظاهرات و الضرب و السخانة ، لا مشكلة في ذلك البتة ، فلنسلك طريقا آخر غيرها و لنعمل على توعية الشعب الخائف بطريقة تكفل له حياته و حياة أطفاله و في نفس الوقت قد تؤدي إلى إسقاط النظام و لنا في العصيان المدني خير مثال.

فيما رأيته في الأيام الماضية فقط من إنتكاسات و تخاذل ، سيذهب النظام من تلقاء نفسه ، تماما كما جلس الجن يعمل مسخرا في خدمة نبي الله سليمان لمدة 300 عام و الذي لولا دابة الأرض لظل يعمل إلى يومنا هذا فسبحان الذي جعلنا مسخرين و خانعين و خائفين لصالح نظام أقل ما يمكنني قوله أنه مات منذ عام و نصف أو على الأقل يوم إعلان الإنفصال و لكن كيف ندري !؟ 
شعبنا الذي آراه سينتظر مليشيات نافع و علي عثمان تخرج إلى الشوارع لتقتتل فيما بينها و تبيد بعضها عما آخره حتى إذا ما أجهزوا على بعضهم البعض خرجنا إلى الشوارع لندعي الثورة الثالثة و تكتب في كتب التاريخ و ندرسها لأطفالنا كيف أننا اقتلعنا 
نظاما شموليا و نصدق كذبتنا التي سوف ندعي. 


و الأيام بيننا ...

الأربعاء، 4 يوليو 2012

رسالة إلى مواطن رعديد

الرعديد لغة هو الجبان كثير الإرتعاد عند القتال.

هل أنا حقا  رعديد؟؟
سؤال تُهت و أنا أبحث عن إجابته ، فبين صفحات الكتب و المواقع حار دليلي ، كل يوم أنا في حال ، يومٌ راضٍ عن نفسي  ويوم آخر ألومها و أبث شكواي منها إليها فلا هي ارتاحت و لا أنا وجدت مبتغاي . على أنني عندما لا أجد مبتغاي فإني ألجأ لأسلوب الفرضيات و هو أسلوب علمي متبع في العلوم التطبيقية و يعرفه كل العاملون بها.
بلادي و ما أدراك ما بلادي ، حالها يُغني عن السؤال ، و لكن حال شعبها يُثير ألف سؤال و سؤال !
أخبرونا في المدارس عن أبطال عِظام و عن ثورات غيرت مجرى التاريخ ، كبرنا و عقولنا مليئة بهراء عن المهدية و بطولاتها و كيف أنها دحرت قوات المملكة التي لا تغرب عنها الشمس في معارك كتبت بدماء الأشاوس إلخ إلخ إلخ إلخ 
ثم تكبر قليلا لتأتيك بعض المعلومات التي تناقض كل ما تربيت عليه ، قائد أعظم ثورة في إفريقيا كان مدعي نبوة !؟!؟ يا إلهي ..!! ثم تتجرأ لتبحث بنفسك لتتفاجأ بالحقيقة المُرة ، أنها كانت ثورة جياع لا أكثر و لا أقل و أن فتح الخرطوم الذي حدثونا عنه لم يكن سوى مجموعة من الأهالي التي هاجمت رجلا أعزل لتقطع رأسه و تفرح به ، ثم تعدم كميات مهولة من المصريين و تسبي نساءهم و تسجن البقية  بدعوى أنهم كفار لأنهم لا يؤمنوا بالدعوة المهدية. و تبدأ حقبة الدعوة كما أسموها لنشر النور في العالم كله.
و يموت محمد أحمد (المهدي) ليرث الدولة رجل أقل ما يقال عنه بأنه جاهل ليذيق الشعب الأمرين على يديه ، لتتدهور حالة البلاد و تصل مرحلة يقف أهاليها فرحا بغازي لا هو منهم و لا حتى يدين بديانتهم هربا من البطش الذي عانوه على يد الخليفة و جنده. 
نعم لم يثوروا ضد كل الظلم و لم يقفوا ليقولوا لا ... بل ألفوا الأشعار طمعا في نجدة من ثاروا عليهم و دونك قصيدة الحردلو الذي قال فيها :  

أولاد ناس عزاز متل الكلاب سوونا 

يا يابا النقس يالانجليز الفونا  

فما أشبه اليوم بالأمس ..
خرج علينا من تلبسوا بعباءة الدين ووالله لولا الزمان غير الزمان لادعوا النبوة فينا ، بيد أن موضوعي اليوم ليس هو العصبة أولي البأس فهم قد شبعنا فيهم تقتيلا و تمحيصا. بل اني وددت لو طرقت موضوع خنوعنا و ذُلنا و قبولنا لكل أشكال المهانة التي لم يوجد شعب في التاريخ تقبلها غير بني إسرائيل مع فرعون ولا أجِدنا ببعيدين عن حالهم فالعصبة أولي البأس ذبحت أولادنا مرة بإسم الحروب الجهادية و مرات أخر بإسم التمرد و استحيت نساءنا في جبال النوبة و كردفان و ما فتئنا نهلل لهم كلما رموا لنا عظمة فأي الشعوب نحن ؟؟
أعلم تماما أي منقلب سيعود به كتابي هذا إلي و لكني وددت لو فتحت نافذة عسى أن يدخل منها الضوء لنقف مع أنفسنا مرة و نراجع الحال الذي وصلنا إليه أو لعلها جينات أجدادنا الذين استجابوا لدعوة من قال أنه المهدي.
تدعو للتغيير فيقف أقرب الناس منك موقف سخرية في أحيان كثيرة ، فمنهم من يدعوني مناضل الكيبورد و آخرين يطلبون مني الصمت بما أني لا أعاني شظف العيش معهم و لا يدرون أني أعاني ما هو أمرَّ من الجوع ، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
 لا يدرون كيف هو الإحساس و أنت في بلاد الغربة تستمع إلى عقد الجلاد في رائعتهم " إيدينا للبلد" : كان أخويا البرة جانا والله يصلح الحال معانا . فتفر منك دميعات و أنت تخاطب نفسك مقهورا : (لكن انا  أخوهم البرة ..!!) .. لا يدرون مرارة الحزن و الدموع و خالك يفارق الدنيا ثم عمك ثم ابن اخيك و لا تراهم و لا تقبلهم و لا تقل لهم وداعا .. لا يدرون كيف هي الليالي وانت تعلم أن خالة لك مريضة و انت الطبيب المداوي و أن ابنة عمة لك تزوجت و لم تكن هناك لتفرح بها و معها ... يا الله .. رحماك.
فبيننا نحن معشر المغتربين الذين تركنا البلدة الظالم أهلها و بين أهلنا الذين ضٌربت عليهم الذلة و المسكنة وقفت العصبة.
فمن هو عدونا الحقيقي ؟؟
 هم أم نحن أكبر أعداء أنفسنا ؟؟
هل عندما أنعت نفسي و قومي بالجبن أكون قد أتيت أمرا نٌكرا أم أننا فعلا شذاذ آفاق و مدعي بطولات و لا يناسبنا سوى العصبة ليحكمنا ؟؟
هل عندما نخرج للشارع لنثور في وجه الطغاة نكون ثرنا لكرامتنا و لحقنا في الحياة بشرف و إنسانية أم أنها ثورة جياع ستأتي لنا بالخليفة المهدي مرة أخرى الذي لا شك أنه مشغول في تطريز جلباب الرئاسة أو الملكية ، فلا نعدو نحن أن نكون إحدى ضيعاته أو كما ينظر هو إلينا ... فتأمل !!
عزيزي المواطن : أي الأقسام أنت ؟ هل أنت من المغتربين أم من الذين ضربت عليهم الذلة و المسكنة أم أنك من العصبة أولي البأس ؟ أيهم كنت سيان ، فكلنا نستحق ما يحدث لنا.
هل تؤمن بجدوى التغيير ؟؟
 متى ؟؟
الآن أم تعتقد أن البلد في منعطف خطير كالعادة ؟؟
هل أنت متأكد أنك قادر على إسقاط النظام عندما تقرر الخروج للشارع أيضا كالعادة ؟؟ 
أم أنك مشغول بعمل مهم كالعادة أيضا ؟؟
والله أنا أعجب لأم و أب ينام إبنهم في المعتقل ولا يفعلون شيئا سوى الإنتظار ..  

تهاتف أهلك و معارفك و أصدقاءك في السودان لتسألهم عن حالهم فيكون جوابهم: حالة زي الزفت والله !!
 و إذا سألت عن أخبار المظاهرات تأتيك ردود من شاكلة : والله ديل ناس ما عندهم موضوع !! أو : ياخي مافي أي مظاهرات دة كلام ناس انترنت ساي !!
 أما عندما تسألهم عن ماهي الحلول عندهم فيجيبوك بكل بساطة : والله انا خلاص طالع من البلد دي. و لا تدري هل تفرح لقربهم منك أم تبكي البلد ...
 وفوق كل هذا و ذاك إياك ثم إياك أن تحاول أن تشارك أو تعلق على حال البلد ، فيأتيك الرد سريعا : إصمت فأنت لا تعاني ..
تحاول أن تناقش قريبك العاطل عن العمل و يقضي جل وقته على الفيسبوك لتسأله كيف هو حال البلد ؟؟ ليجيبك : خلاص داير تقلبها لينا سياسة ؟؟
 فسبحان الله !!
بالله عليك إذا قرأت هذه المدونة و لم تكن من أحد هذه الفئات فتواصل معي و أخبرني .. فأنا بحاجة للأمل حتى لا أفقد الثقة في نفسي قبل شعبي ... وددت لو أعلم أن لبلادي جند .. إن دعا داعي الفداء لم يخونوا ، يتحدوا الموت عند المحن ..
و آخر كلامي ، لو أزعجك حديثي و لم تتفق معي فلا تتضايق .. ففي النهاية أنا مجرد شخص شاذ الأفق ..