السبت، 22 أكتوبر 2011

كَبَدٌ في كَبَد: قانون الكرين

ماعادت الدنيا كما كانت ولا الحياة كما ألفناها, فكل شيء اصبح مختلفا. اختلت المقاييس و تغييرت المعايير فلا النجاح هو النجاح كما عرفناه ولا الفشل هو الفشل كما نفهمه.
أشياء و أشياء كثيرة في البال, امال و احلام اصبحت شيء من حتى.

"أغالب دمعي و اتصبر أقول يالله تصبرني" كلمات من أغنية شدا بها سامي المغربي و لكن كما يبدو فكلٌ يشدو في واديه, فسامي المغربي يتغنى لحبيبته التي فقدها وانا اتغنى لحياتي التي ما عادت كما أريدها, وشتان ما بين حال و حال, فما يغني له سامي المغربي هو ضرب رفاهية لا أحلم بها و ما يسأل الله ان يصبره عليه شيء قد احمد ربي عليه اذا ما حدث لي فهو في نظري همٌ انا في غنى عنه.

ما يحزنني حقًا انني لا أزال ارى نفسي شخصًا يستحق اكثر مما لديه, و هي انانية اتُهِمتُ بها في اكثر من مكان و زمان و لكن مانتمناه شيء و الواقع شيٌء اخر و لعل عزائي انني لست وحدي واني لأعلم أن لي إخوة على الجمر قابضون وأهل بيت صابرون و محتسبون فيا رب ليكن جزاءنا عظيما لا نشكو بعده قلة الحال و سوء الزمان ولا تشمت فينا سفهاءنا .

و لشد ما يحزنني ان من لا يفقهون اصبحوا يحكمون علينا بالنجاح أو الفشل و في هذا تذكير لي بما يعرف ب "الكرين" و هو لمن لا يعلمون سوق تباع و تشترى فيه السيارات المستعملة وهو سوق يعلم جميع من زاره ان الممسك بمقاليد الاسعار و عملية تقييم السيارات هم سماسرة يحلفون بالطلاق كما بتنفسون الهواء . و قد حكم سادة الكرين بأن سيدة السيارات هي الكورولا المطورة و أن ما يعرف بالحديد الالماني لهو فشل شديد و ضياع للنقود فهي سيارات غالية الثمن و ترهق مالكها و تذيقه الامرين. و جميعنا يعلم أي بون هو بين السيارتين. فما بال بلادنا اصبحت كرينا كبيرا ونحن فيها كالسيارات من يحكمون علينا هم أقلنا علماً و معرفة.

ليس لنا ذنب ان ابينا الغربة إلا اننا اخترنا مهنة همشها سماسرتنا و حاربنا فيها من كان حري بهم ان يعلمونا و اخترنا ان يكون مثوانا بين اهلنا لا لشيء الا اننا نحبهم و لا نريد بهم فراقا عنا فما فائدة ما تعلمناه ان لم يكن لهم و بينهم.

الحل: الصبر ثم الصبر و الصبر. اللهم افرغ علينا صبرا.

اني أخاف على نفسي يومٌ يكون مبلغ همي لقمة عيشي. و اذا سارت الامور على هذا المنوال فهذا اليوم قريب و أراه كما أرى شاشة الجهاز أمامي. وحينها سأتفق مع كل من اختلفت معه من قبل لأني سأكون قد أسلمت نفسي لسماسرة الكرين و عندها ليس علي الا اتباع قوانينهم فمن يَهُن يَسهُل الهوانُ عليه مالجرحٍ بميتٍ إيلام.

فاذا رأيتموني اتبعهم فلا تلوموني و لوموا أولوا أمري , الذين تركوني دونما دعم و لا ارشاد , و ليس الدعم هو الدعم المادي بقدر ماهو مساعدة النفس على محاربة الضعف و الاستسلام. الاستسلام لقانون الكرين.
و شد ما يحزنني رؤية أناس عزيزين لهم في قلبي أيما تجلة قد باعوا النفس للهوى و صار ديدنهم المال وإني أقول لهم ما هكذا تؤكل الكتف.
انا لست بمتكبر عن المال أو في غنى عنه فحوجتي له أعلم بها الله و لكني أسألهم أي قيمة هي لأموال نجمعها بعيدا عن اهلنا؟ و أي حياة أكرم من طلب العلم و مساعدة المحتاج؟
ستقولون إلى متى؟ و أقول الى ان يكرمنا الله دونما تنازل و هوان أو الموت دون ذلك.


أما إذا تساءلتم لماذا أكتب هذا الكلام فأنا أكتبه لنفسي حتى أتذكر أي رجل كنت و كيف كان تفكيري عسى ولعل ان يكون لي الدعم الذي افتقدت و المعين الذي احببت.

هناك 4 تعليقات:

  1. أعجبتني خاتمة المدونة وآلمتني في آن واحد.. نحن جيل برغم تمسكه بمبادئه التي تربى عليها فإنه يعلم تماما أنه سيأتي عليه زمن سيغني لمبادئه هذه أغنية النوم ويتمنى لها أحلاما سعيدة.. نعلم تماما أننا مع ابتلاعنا لهذه المبادئ سنترك المرارة والألم في حلقنا ثم نمضي كما يريد لنا سادة الكرين.. عزاؤنا هو هذه المدونات التي نحفظ فيها خلاصة حياتنا وعصير تجاربنا وإن أصبحت حكايا وتاريخ..
    بداية موفقة مصطفى أتمنى لك الإستمرار والتوفيق

    ردحذف
  2. أخي مصطفى يحدونا الأمل في هذه الدنيا أن غدا أفضل و غدا إن شاء الله أجمل و أصدق بدون "سادة الكرين" الذين جعلوا الأشياء ليست هي الأشياء.. و كما قلت بنفسك: لست وحدك.

    ردحذف
  3. am so happy u have a blog now, u have a lot of valuable things to say :)
    a3'alib dam3i wo at9abar << says it all!

    ردحذف
  4. الشكر اجزله للا خت ايناس فهي التي شجعتني :)

    ردحذف